تناقلت الأخبار
الواردة من إقليم القاش بركة أن مذبحة مروعة تقشعر لها الأبدان قد نفذت في مناطق
التنقيب عن الذهب في جموع واسعة من كادحي شعبنا كانوا يخاطرون بحياتهم في أعماق
الأنفاق التي يحتمل فيها وجود الذهب يحفرونها بآلاتهم البدائية وبأيديهم ويدخلون
للأعماق بدون وسائل مساعدة سواء في التهوية أو الحماية كانوا من مختلف فقراء بلادنا
وإن كان يغلب على عددهم أبناء المنطقة المحلية أو الاقليم ومن خلال كدهم كانوا
يجمعون القليل لعوائلهم يوفرون شيئ من الدواء والخبز الكريم تحميهم من الجوع والمرض
وتشتري منهم شركات النظام وزبانيته الكثير من الغرامات المجبولة بدمائهم وعرقهم
بأثمان بخسة لتصب في ميزانية دويلة الاستبداد الطائفي الانعزالي وهكذا تستمر معهم
دورة حياة الانفاق التي لايجدون فيها من أحد الحماية إن عملهم أشبه بلعبة الروليت
الروسية إنها لعبة مع إحتمال الموت تحت الانهيار إنها لعبة حظ وهذه المواقع جذبت
إليها المئات من مواطنينيا الفقراء من فلاحين ورعاة وموظفين ومعلمين وجنود وضباط لم
يكفهم ما يقدم لهم في الوظيفة الرسمية فكانوا يستفيدون من كل سانحة للقدوم لمناطق
البحث عن الذهب علهم يغيرون في ظروف حياتهم إلى هذا والقصة عادية ، كانت حياتهم
موزعة بين الانفاق وأعماقها البعيدة والاستراحة في بيوت القش والكرتون والصفيح
والأكل في المقاهي التي نشأة وراجت مع وجود هذه الاعداد الهائلة كانت حياتهم عادية
وكانت أسرهم النساء الأطفال يطلقون العنان لخيالاتهم علهم يخرجون بضربة حظ من شظف
العيش ويعيشون ولمرة واحدة كبشر يحلمون بثياب نظيفة وجديدة بدلاً من الاثمال كانوا
يحلمون بوجبات كاملة وأدوية وحليب وملابس ولعب لأطفالهم ، لم يكن أحد يتكهن بما كان
يخبأه لهم القدر لم يكن أحد من تلك الأسر الحالمة بالعيش تتخيل أن إبنهم أو والدهم
لن يعود سيفقد للأبد إنها حكومة القهر والاستبداد وقراصنة القرن الذي صعدوا على سدة
السلطة على حساب تضحيات وعذابات وأشلاء شعبنا وشهدائنا وعلى أكتاف مناضلينا صعدوا
على الجماجم وجيروا كل نضالات الشعب الارتري وعلى مدي ثلاثة عقود من الزمان هؤلاء
لم يروق لهم أن يغيير الناس من أحوالهم المعيشية فجاؤوا إليهم بليل حاصروا الموقع
وداهموه في الصباح أطلقوا النار على من كانوا على سطح الأرض ولموا البروش الجوالات
والقصب وأضرموا النار على فوهات الأنفاق طمروا بعض الانفاق لم يلتفتوا لصرخات
الأسرى وصلوا الحرق والطمر ومن خرج وسط لهيب النيران من كان قريباً في السطح أطلقوا
عليه النار فتحوا نيران رشاشاتهم وكأنهم حفنة من المصابين بهوس القتل وسفك الدماء
لم يلتفتوا لأحد لا الصراخ ولا الاستغاثة ولا الأنين قتلوا سحلوا وكانت حصيلة
المحرقة التي إغترفوها بدم بارد وفي مواقع مختلفة من تمبرا الى هدمدمي وداسي وبقية
مناطق القاش 190 ما بين قتيل و جريح وكان الناس يخرجون الجثث المتفحة من بين
الأنفاق كما يخرجون من مات إختناقاً وهذه الجرائم التي طالت مناطق التنقيب كانت
أشبه تماماً بما فعلته قوات الكمندوس والباندا بأهلنا في قرية عد إبرهيم في فبراير
1967م . ولكن هذه المرة كانت الجريمة ليست بايدي جنود للاحتلال ولكن ما يعقد اللسان
ويشل عقل الانصار ؟ إن هذا الفعل الذي له ما قبله في قرية عري وحليب منتل وعد دنقسي
هو من ذات شلة القتلة التي تفعل كل ذلك تارة باسم التحرير عري وتارة بإسم هيبة
السلطة وفرض قراراتها الجائرة وتارة باسم التجنيد الالزامي وأخرى بإسم الدفاع عن
الوطن ساق النظام الألوف من الناس لغياهب السجون والمعتقلات السرية التي بنيت في
مناطق نائية حتى تكون بعيداً عن عيون الناس في بلادنا وعن عيون المنظمات الدولية
المهتمة بحقوق الانسان هناك يعتقل المئات ينتظرون وفيهم من بقى في المعتقل لأكثر
عقد من السنوات ولازال مصيره مجهولاً وفيهم من مات ودفن ولايعرف أحد أين ومتى ، ولم
يكف هذه الجموع من القتلة ونظامهم المجنون هذا بل راحت ترتكب المجازر تلو المجاز
ويطبل لها الانصار والمريدون وعتاة الطائفيون ينكرون ما يجري تارة ويقولون أنه من
نسج الخيال تارة أخرى وثالثة يقولون نحن مع النظام ظالم ومظلوم ولكن وعندما يكذبهم
الواقع في ظل بلد مغلق لامجال فيه لأمر لحياة ، بلد يأكل قتلته الرفاق قبل الأعداء
والخصوم بلد لم يبق له جار لم يدخل معه في مشكلة وصراع وبالطبع الآخرون هم المخطئون
والمجرمون والمتطاولون هؤلاء يتوهمون أنهم وحدهم الأذكياء والأقوياء يفعلون يقتلون
يدربون يجيشون أما ألآخرون من الخصوم والجوار فيهم لايعلمون لايعرفون لايجرؤون وإن
قالوا فنحن جاهزون لتكذيبهم وتسليط أضواء إعلامنا القوى عليهم وإستدعى الأمر الضغط
عليهم من خلال ماهو بأيدينا من قوة ضغط عليهم . كل هذا يجرى في عهد ميلاد دولة
إرتريا المستغلة من بطانة السوء كل هذا يجرى تحت ظل علم وراية قيل أنها لوطن سمى
مجازاً بإرتريا المستقلة وجاء ت عبر أرتال من الدماء والتضحيات والمعاناة والتشرد
واللجوء والدمار وللأسف رغم تلك التضحيات مايزال شعبنا في اسوا ألوان المعاناة
والقهر والاستبداد اللاجئوون مازالوا في معسكرات لجوئهم لم تكلف السلطة عناء
إعادتهم على مدنهم وقراهم وللأسف فإن يتوهم أن هؤلاء يعانون من أزمة هوية ولايعانون
من إشكالات حقوق أهدرها الاستعمار واليوم تهدرها السلطة التي قيل عنها وطنية ولهذا
فالأمس بالنسبة للاجئين لايختلف عن اليوم . إذاً هؤلاء القتلة إستمرؤوا القتل
وسدروا فيه ولهذا فهم لن يتورعوا من إغتراف الآثام خاصة وأن شلة واسعة منهم تشعر أن
هؤلاء جموع ( السكان الأصليين ) غير مرغوب فيهم ينبغي قتلهم وتهجيرهم وهذا يشبه ما
كانت تشنه الفاشية والنازية على بعض المجموعات القومية من حملات تطهير عرقي مثل
الغجر والمعاقين والمعارضين واليهود وهو ذات ما يجرى اليوم ، إن الجهات التي صرفت
الأوامر بتنفيذ مذبحة عري وحليب منتل وعد دنقسي وهبردا وبيشا وماي حبار وعد آبيتو
هي ذات الجهات التي صرفت الأوامر لقتل الفقراء والمعدمين في مناطق الذهب في بركة
هؤلاء على رأسهم جنرالات القتل وقادتهم وجنودهم وشعبنا الارتري البطل سوف لن تفنيه
هذه الجرائم ولكن تلك الأرواح الطاهرة والدماء الذكية ستكون وقود الثورة التي ستكنس
القتلة وستسوقهم للمحاكمة عما إقترفوا من جرائم بحق شعبنا الارتري وهذه الثورة متى
ما توفرت شروطها التراكمية سوف تندلع وستقتلع أمامها كل عفن التمييز والقتل وستعيد
الحقوق لأصحابها عزاؤنا لأسر الضحايا عزاؤنا لشعبنا الارتري المكلوم .
|