القائد البطل/ الشهيد محمود حسب الحلقة ( 2 )
نشر من قبل omaal في 05-09-2009

الحلقة ( 2 )

تاريخ ميلاد القائد حسب ونشأته:

ـ  ولد محمود حسب محمد في مدينة أغردات عام 1945م.

      والده الخليفة حسب محمد الذي كان موظفاً في المحكمة الأهلية ، أحد أعيان مدينة أغردات ومؤرخيها وكان المرجع في أهم أحداث المنطقة.

      أسرة الشهيد حسب ) تنتمي إلى قبائل البني عامر العربية العريقة، والتي كان لها شرف قيادة الحركة الوطنية الإرترية بزعامة القائد الوطني الكبير الشيخ إبراهيم سلطان على ثم إعلان الثورة بقيادة القائد الشهيد / حامد إدريس عواتي في الفاتح من سبتمبر 1961م.

      تلقي تعليمه الابتدائي والمتوسط في مدينة أغردات ونشأ في بيئة حضرية وكذلك أسرته.

* إلتحاقه بالثورة :

      التحق بجبهة التحرير الإرترية في عام 1962م وكمقاتل عام 1963م في صفوف جيش التحرير الإرتري ، وساهم في إنشاء جهاز الخدمات الطبية في الثورة ، تلقي دورة عسكرية في الجمهورية العربية السورية الشقيقة ثم تلقي دورة أخرى متقدمة في جمهورية كوبا الاشتراكية.

المواقع القيادة التي تبوأها في الثورة :

      عقب عودته من الدورة العسكرية في كوبا عينته القيادة العامة قائداً للفدائيين في محافظة بركا ، وبعد تسلمه لمهامه أحدث الكثير من الأساليب القتالية الحديثة المتطورة في العمل الفدائي وحرب المدن ، وقام بعمليات فدائية جريئة ، نذكر منها عملية بنك أغردات التي نفذت في وضع النهار مستخدما فيها سيارات العدو الإثيوبي المكلفة بحراسة البنك.

تم اختياره في كل اللجان التحضيرية للمؤتمرات الوطنية العامة منها :-

1        ـ مؤتمر معسكر عواتي المنعقد في منطقة  ) كُرديبا ) مارس 1971م.

2ـ المؤتمر الوطني العام الأول المنعقد في منطقة (آر) بشمال إرتريا نوفمبر 1971م.

3ـ المؤتمر الوطني العام الثاني المنعقد في ملتقي نهر بركا وعنسبا في مايو 1975م.

 4ـ المؤتمر الوطني العام الثالث المنعقد في منخفضات بركا في ديسمبر عام 1982م.

   وكان القائد حسب من أهم أعضاء هذه اللجان في التحضير والتأمين بحكم الخبرة والجدية، والتفاني ، وكان لهذه المؤتمرات الوطنية العامة الأثر الكبير في مسيرة الثورة ، وكانت تشكل دفعة جديدة ، وتقيم كافة مراحل النضال ، من تطوير الإيجابيات وتفاد للسلبيات.

1.  انتخب في المؤتمر الوطني العام الأول عضواً في اللجنة التنفيذية رئيساً لمكتب الأمن لدوره الفعال وكفاءته وخبرته الواسعة في هذا المجال.

2.  انتخب في المؤتمر الوطني العام الثاني عضواً في المجلس الثوري ثم عين عضواًَ في هيئة الأركان شعبة التنظيم والإدارة ، نظراً لان جيش التحرير توسعت قاعدته ، وتغيرت طبيعة عملياتها وإدارته ، لذلك كان بحاجة لشخص مقتدر على المساهمة في بناء جيش ثوري مؤهل لمواجهة قوات الاحتلال الإثيوبي والإعداد لمعارك تحرير المدن المحتلة ، لهذا وقع الاختيار على القائد محمود حسب ، لهذا المهمة الكبيرة ، وقد قام بواجبه خير قام وأثبت جدارته في تحمل المسئولية.

3.  انتخب في المؤتمر الوطني الثالث عضواً في المجلس الثوري ثم عين عضواً في هيئة الأركان ورئيساً لجهاز الأمن.

4.  انتخاب عضواًَ في اللجنة التنفيذية في الدورة الرابعة عشر للمجلس الثوري وسكرتيراً لها ، وعمل على تطوير وتنظيم أعمال اللجنة التنفيذية ودوراتها بأسلوب متقدم.

5ـ أعيد انتخابه عضواً في اللجنة التنفيذية رئيساً للمكتب العسكري نائباً القائد العام ، ومنذ تسلمه لمهامه في قيادة العمل العسكري ابتكر الكثير من الأساليب في الخطط والتشكيلات العسكرية الملائمة لمواجهة العدو المتفوق عدداً وعتاداً ، كل هذا بعد تفقده الوحدات المقاتلة في مواقعها الأمامية ومعايشتها بجانب التعبئة السياسية والتوجيه المعنوي المستمر في كل الوحدات هذه الخطوات والإجراءات التي اتخذها القائد حسب لعبت دوراً هاماً في رفع الروح المعنوية لقادة ومقاتلي جيش التحرير فكانوا سعداء بقدومه إليهم ثانية.

محمود حسب قائداً ومفكراً :

      إن القائد البطل الشهيد العقيد محمود حسب ، كان موهوباً ومفكراً عسكراً، وصاحب خبرة في التنظيم والإدارة والتخطيط وله مساهمات خاصة في الأسلوب وفن القيادة ، وهو من أبرز قيادات جيش التحرير المتميزين مما اكسبه ثقة مرؤوسيه واحترامهم لقدراته وسلوكه الثوري المنضبط وجسارته الفذة في مواجهة الصعوبات وتحمل المشقات.

      كلف القائد حسب من قبل هيئة الأركان العامة بالإعداد لتحرير المدن التالية:-

      1/  مدينة انجحاي  (علي قرد ) 2/ مدينة تسني  3/ مدينة بارنتو 4/ مدينة أغردات 5/ مدينة ماي مني قوحاين  في محافظة سراي بالمرتفعات الإرترية".

      لقد تميزت قيادته لهذه العمليات التحريرية بالمبادرات الجريئة الموفقة والإدارة الحازمة والخبرة العالية في منازلة قوات الاحتلال الإثيوبية، والتصرف السريع عند حدوث المفأجات غير المحسوبة أثناء العمليات ، لذلك كان قادة ومقاتلو جيش التحرير يطمئنون لقيادته وحسن تقديره للموقف العسكري في كل الظروف والأحوال لكل هذه العوامل مجتمعة نجحت تلك المعارك التاريخية العظيمة وحققت أهدافها بأقل الخسائر في تحرير المدن المذكورة.

      وجملة غنائم هذه المعارك مكنت جبهة التحرير الإرترية من تسليح سبعة آلاف مقاتل كانوا تحت التدريب وتكملة الكثير من النواقص في تسليح قواتنا المقاتلة بما فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة دبابات – مدرعات – مدافع – وعدد 270 سيارة من مختلف الأنواع والأحجام ، ومن ميزات القائد حسب ، تجنب الدخول في العمل غير المدروس، ويغضب بشدة عندما يشاهد عملاً عشوائياً ويعارضه بدون مجاملة ، ومن المهم أن نشير بان قادة ومقاتلي جيش التحرير كانوا يقلدونه في كل حركاته وتصرفاته بما فيها طريقة حمله لسلاحه الفردي ، وهندامة المرتب ، والمتأهب دوماً ، ويقولون لمن يجدونه هكذا ( زى ود حسب) أي مثل محمود حسب تماماً.

      لقد أبرز القائد حسب قدرات جبارة في قيادته للعمليات العسكرية في مجالي الحرب النظامية وحرب التحرير الشعبية ، مثل معارك تحرير المدن الأخرى ، كما برز في العمل الفدائي داخل المدن المختلفة ، ومن العوامل الرئيسية التي أدت إلى نجاح حسب كقائد متميز اتباعه أسلوب العمل اليومي المبرمج والحرص الدائم على الارتباط بمقاتليه ومعايشتهم وتأهيلهم وإعدادهم لمهام المستقبل وحتى البعيدين عنه يكاتبهم باستمرار وبعمل على استشارتهم قبل تكليفهم بأية مهمة عسكرية جديدة.

      أما عند اكتمال التقديرات للموقف واتخاذ القرار فانه يتصرف بصرامة وحزم ، وهذا هو محمود حسب القائد الذي يضع أمامه الأهداف الاستراتيجية ثم يرسم الخطط والتكتيكات الملائمة للموقف مع الإعداد الكامل لمواجهة الاحتمالات المتوقعة.

      إن هذا العمل التاريخي المجيد الذي قدمه القائد لشعبه وثورته سيظل خالداً في سجلات تاريخ شعبنا وثورتنا الباسلة ليكون زاداً للأجيال القادمة ينير لها الطريق .

محمود حسب الإنسان والفنان:

      بالرغم من أن حياته عرفت بالجدية والحزم إلا أنه كان إنساناً اجتماعياً وفناناً في تعامله مع أسرته ورفاقه وأبناء شعبه بأسلوبه المعروف باللطف والظرافة، وحبه للنكات والطرائف أما إذا غضب منه احد رفاقه بفعل شيء ما أو حديث يبادر بسرعة الاعتذار والنقد الذاتي عما بدر منه دون قصد. لا يعرف الخديعة والحقد ، كريم لا يحب البخل ، قليل الكلام إلا في المفيد، وهذه الصفات الجميلة الراقية لا تجدها اليوم إلا في قلة من الرجال الأوفياء أمثال القائد حسب ويبدو أن هذه الصفات الحميدة تعود عليها لنشأته الحضرية وموروثاته عن أسرته ومن يعرف أشقائه ومنهم عثمان حسب لا يستغرب ، هذا بجانب تربيته الثورية المتميزة بالنقد والنقد الذاتي ونكران الذات ، مما يعتبر عاملاً آخر له تأثيره المباشر على مسلكه ، أما علاقته مع الجماهير الإرترية فكانت علاقة الابن مع أبيه وأمه لأنه كان يخاطب المواطنين بأبي للرجال وأمي للنساء وذلك احتراماً وحباً لهذه الجماهير المناضلة التي قدمت كل شيء للثورة وبادلته الحب والتأييد لأنه كان مدافعاً عن كرامتها وحريتها وانعتاها.

      ولقد كانت للقائد حسب ، مواهب في شتى المجالات نذكر منها انه كان رساماً ، خطاطاً ، مصوراً ، صاحب أرشيف من الصور لمعظم رفاقه الشهداء ، له مخطوطات من المذكرات القيمة تحكي تجاربه النضالية وسوف تصدر مذكراته هذه في كتاب انشاء الله لأنها ثروة وطنية هائلة تضاف إلى سجل تاريخ الثورة وتراثها.

* هل فهم العملاء خطورة فعلتهم:

      فهم العملاء أم لم يفهموا فإن قافلة الثورة تسير نحو أهدافها الاستراتيجية دون توقف وأن عملية الغدر التي قامت بها ما يسمى بالجبهة الشعبية ، الانعزالية الفاشية التي قصد منها شل حركة الثورة الإرترية ممثلة في جبهة التحرير الإرترية باغتيال أحد قادتها التاريخيين ، ولكنها نسيت ما خلفه القائد حسب ، من الكم الهائل المتمثل في التراث النضالي عبر مسيرة الثورة من قادة ومقاتلي جيش التحرير الذي تربوا على يديه وصقلتهم التجربة ، هؤلاء القادة الذين – قادوا قائدهم الجسور وشاركوه ثم تحولوا إلى قادة مبدعين وقادرين على البذل والعطاء والتضحيات ومعهم رجال الرعيل الأول ورفاق عواتي ، وكل جماهيرنا الإرترية التي أحبت القائد حسب وأيدته ودعمته بكل شيء وفي كل خطوة خطاها ، مثل هذا القائد لن يموت بل سيظل حياً بيننا بأعماله البطولية الخالدة ، وإنجازاته الثورية العظيمة في شتى المجالات لذلك سوف يعيش في قلوب رفاقه وشعبه الإرتري الوفي .

      لأنه حفيد ( دمات ود أكد و كنتيباي حامد هؤلاء الأبطال الذين قاوموا الاستعمار الإيطالي وهو ابن عبد القادر كبيري وإبراهيم سلطان على ، وهو ابن الثورة الوطنية المسلحة ابن عواتي وطاهر سالم ، ومحمد ادريس حاج ، وإبراهيم داود ، وعمر حامد ازازا ، ومحمد سعيد شمسي ، محمد شيخ داود (حفيد سيدنا مصطفى ) ، محمود بلاي ،  محمد نور ازوز (سبر ) وابن شهداء قرية إبراهيم وعونا  وحشيشاي و أغردات ، وأم حجر ، وشعب ،  وحرقيقو  )  لقد نسى العملاء أن القائد حسب يمثل ارادة أمة وآمالها وطموحاتها نحو غد مشرق عزيز ، وظن العملاء بأن القائد حسب مجرد شخص ستخلو لهم الساحة باغتياله وهذا دليل آخر على الغباء والإفلاس السياسي وضعف الذاكرة والجهل التاريخ النضالي الحافل لهذه الأمة التي عبرت بردها البليغ والعاجل بإدانة المؤامرة بكل فصائلها الوطنية وفئاتها الاجتماعية التي قررت مواجهة الثورة المضادة بإعلانها المقاطعة الشاملة والتصدي لها حتى تختفي من الوجود لأنها تمثل ظاهرة سلبية في ساحتنا الإرترية ، ويكفي أن نشير بأن شعبنا بدأ الفعل خطوات عملية في المواجهة والتصدي بالسلاح الأبيض دفاعاً عن الأرض والعرض والمبادئ والأهداف التي رسمتها الثورة خلال مسيرتها النضالية الطويلة.

* قيادات جبهة التحرير في مقدمة الصفوف وهم رفاق القائد حسب:

      من ميزات قيادات جبهة التحرير الإرترية أنهم دائماً في مقدمة الصفوف الأمامية مع مقاتلي جيش التحرير قتالاً واستشهاداَ وان قافلة من لشهداء سقطت في مواجهة العدو الإثيوبي والثورة المضادة وكل هؤلاء الأبطال رفاق القائد حسب نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر :-

      " محمد إبراهيم محمد سعيد ( شكيني ) عضو القيادة العامة ، إبراهيم عبدالله محمد – عضوا القيادة العامة ، علي عثمان حنطي – عضواً المجلس الثوري الأمين العام للاتحاد العام لعمال إرتريا عبد القادر رمضان على شيخ عضو المجلس الثوري  عضو هيئة الأركان العامة   ، على محمد إبراهيم – عضو المجلس الثوري – المشرف العام على منطقة (دنكاليا) ، إدريس رمضان – عضو المجلس الثوري – عضو قيادة الجبهة الجنوبية القاش) ،  احمد إبراهيم نفع ( حليب ستى) عضو المجلس الثوري  قائد اللواء 44 المشرف على الوحدة الإدارية  رقم 6، سعيد صالح محمد – عضو اللجنة التنفيذية وقائد اللواء 77، محمد حامد عثمان (تمساح) عضو المجلس الثوري وقائد اللواء 71 ، أبرهام تخلي – عضو المجلس الثوري – قائد الفدائيين في العاصمة أسمرا ، إدريس إبراهيم هنقلا – عضو المجلس الثوري قائد اللواء 19 نائب رئيس جهاز الأمن ، ولدي داويت تمسقن – عضو المجلس الثوري – المشرف العام للوحدة الإدارية رقم (9) قائد اللواء 61، محمد آدم موسى لباب – عضو المجلس الثوري – قائد الجبهة الوسطي الوحدة الإدارية رقم (3) ادريس أبولقين – عضو المجلس الثوري – قائد منطقة بركا الوحدة الإدارية رقم (2) وهو من أسرة القائد الشهيد عواتي والقائد عثمان صالح علي .

      هذه هي جبهة التحرير الإرترية وهؤلاء هم أبطالها من الشهداء في مسيرة الثورة والتحرير ، وأننا نؤكد لهم بأننا على الدرب سائرون بنفس الحزم والإصرار حتى تحقق النصر أو الشهادة.

نواصل  الحلقة ( 3 )