أيام لا تنسى من ذكريات المناضل محمد على إدريس أبو رجيلا / الحلقة الثامنة عشر ذكريات أبورجيلة
نشر من قبل omaal في 19-02-2010

 أيام لا تنسى من ذكريات أبورجيلة

الحلقة الثامنة عشر

مابعد المؤتمر الوطني الثاني

خرج إلينا المجلس الثوري بقرار تشكيل اللجنة التنفيذية من 9 أعضاء برئاسة أحمد محمد ناصر الذي عرفته إسما وشكلا أبان المؤتمر الوطني العام الأول في أر ولكنني الذي أنتخب فيه بالقيادة لأول مرة لم أحتك به كان شابا وصل للموقع لرفض وتهييب الأكبر منه للمركز الأول في التنظيم كانت خبرتي في الجانب العسكري وكنت أهتم بمسألة الصلات مع الجماهير وكيف يكون التعامل معها لرفع مساهمتهاالمادية ومشاركتها الادارية لأنها صاحبةالثورة وهدفها المركزي  والجيش كان هاجسي وغالب ادراكي وفهمي ولأنها القوة التي ستواجه العدو في ميدان القتال وتفرض عليه التسليم بالمطالب العادلة لشعبنا وكنت أركز عليه لايماني بأن اثيوبيا ولعقلية حكامها الامبرطور ونظام المجلس العسكري لن تسلم بحقوق شعبنا الارتري في تقرير المصير ونحن وكما أجبرنا علي حمل السلاح ونحن ذلك الشعب الصغير فلم يبقى أمامنا سبيل إلا السلاح والقتال ننتصر فيه أوننكسر وننهزم ونبقي ملحقين بالامبرطورية الاثيوبية ونحن مكرهين تخضعنا جيوشه بقوة الحديد والنار ... نحن كجيل كنا نفكر ونؤمن في الحالتين الانتصار الذي نأمله ونعمل له أو في الهزيمة لاسمح الله نكون قد أدينا واجبنا ورسالتنا تجاه الاجيال لاننا لم نستسلم لهذا صمدنا أمام قسوة الظروف وإنعدام الشروط وشح الاسلحة وفقدان الظهير والسند سواء من القريب أو البعيد ومع ذلك هزمنا العدو في مئات المعارك رغم عدم تكافؤ القوة بين الطرفين وزرعنا الأمل بالنصروحتمية هزيمة الظالم مهما طال الزمان، كان المقاتل الارتري من أعظم الرجل الذين ثاروا  وقاتلوا وأنا عايشت ألوف الجنود من جنسيات مختلفة ومنذ الحرب العالمية الثانية التي شاركت فيها على الجبهة الأفريقية في العلمين لم أشرف وأشجع وأنبل من المقاتل الارتري وفي ثورة شعبنا و  كان الجميع  متطوعين يعملون بلا مقابل يدافعون عن قضية شعبهم العادلة ومطالبهم المحقة وكان ذلك الجيل من جيش التحرير الارتري الباسل أشرف وأنبل الرجال الذين قاتلوا دفاعا عن قضية شعبهم وأدوا ماعليهم من واجب إستشهد منهم من استشهد وجرح من جرح وبقي من بقي تركوا تاريخا عظيما من التضحية والباسلة يستحق أن يدون يوما بيوم بل ساعة بساعة بمداد الذهب ،  لانه تاريخ شعب وبسالة جيل فيه الانجازات العظيمة التي تصل لحد الاعجاز وفيه الانكسارات بل وحتى الفشل أملي أن يكتب كل من شارك في تلك الملحمة العظيمة يومياتها وخاصة يوميات المعارك العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ملحمة تحرير المدن والبلدات وتجربتنا مالها وماعليها بتجرد ومسؤولية  لمصلحة الاجيال القادمة حتي لاتضيع نضالاتنا وتضحياتنا وتنزوي في غياهب النسيان ،  خاصة وأن من هو في سدة السلطةمن ذلك الجيل لايقدم تجربة النضال الارتري بتجرد وأمانة وهو يرمي تجربة جيش التحرير الارتري وجبهة التحرير الارترية بكل ماهو قبيح ويسقط عليها وقائع غير حقيقية  يضخم الاخطاء فوق حجمها الحقيقي بمئات المرات ويعظم الجوانب السلبية فيها وينسى أن تجربة الجبهة ورجال البدايات الذي ينتمون لأبناء الفلاحين والرعاة ودفعهم الضغط الاستعماري الذي سد كل أبواب الحلول لركوب الأهوال  كانت تجربة جرت علي ميدان الواقع دون أن تقتفي أثراً أو مثالاً  كانت تجربة لرجال يخوضون هذا الواقع قيادة ثورة لتحرير شعب وبلد لأول مرة رجال دفعهم قهر الاستعمار لشعبهم ولبلادهم خرجوا ملتحقين بالقائد الشهيد عواتي الذي أجبرعلي  الخروج في غير الوقت كما هو معروف ونحن جاءناالتوجيه من قيادتنا للإلتحاق به ومساندة مبادرته وتبنيها وعدم تركها تموت  والحمدلله نجحنا في ذلك  ...

مابعد المؤتمرالوطني العام الثاني  كانت خطة القيادة العسكرية كما أعلمنا بهاعلي النحو التالي : أولا :إنهاء وجود العدو في البلدات الصغيرة وشن الغارات المستمرة عليه في مراكز تجمعه في المدن والمواقع الاستراتيجيه التي يتواجد فيها واستنزافه المستمر في الرجال والعتاد والوقت والمعنويات ورفع كلفة بقائه على أرضنا يومياً.

ثانياً :  رفع مستوي الوحدات القتالي والعددي والتسليحي والتدريبي  والدخول في مرحلة تكوين الكتائب القتالية لأننا كنا قبل ذلك الوقت في مرحلة السرايا التي انتقلنا اليها من مرحلة المجموعات الصغيرة والفصائل وتأمين الاسلحة الضرورية لهذا التطور والبحث عن تمويل بالسلاح والامداد لهذا البرنامج من الاشقاء والاصدقاء ومن العدو نفسه لهذا شرعنا في شن عمليات قتالية واسعة بهدف تنظيف الريف الارتري والبلدات الصغيرة من تواجد العدو وتمكنا بفضل الله وصمود شعبنا وبسالة مقاتلينا من سحق حملة المليشات الفلاحية والجيوش الاثيوبيه على أبواب إكلي قوزاي عند مدخل زال أمبسا وإجبارها علي التراجع للمدن الرئيسية وكنا نلاحقها حتي وهي في المدن ، وقد غنما كميات كبيرة من الأسلحة سندت جهود تطوير جيش التحرير الارتري وتابعنا العمل فهزمنا الجيوش الغثيوبية وأجبرناه على الانسحاب من البلدات الصغيرة التي عجزت في الدفاع عنها وقطعنا أوصال طرق الامداد والمواصلات البرية للعدو وبهذا أضحت كل مدينة جزيرة معزولة وسط بحر من مقاتلي جيش التحرير الذين كان يجدهم العدو في وجهه أينما ذهب  وفي هذا الوقت إنتقلنا لمرحلة جديدةعندما توفرت الاسلحة الازمة للقتال طبق برنامج تأسيس الكتائب وبنائها البشري والتسليحي وقد كلفت بقيادة الكتيبة 977وكان نائبي الشهيد داوود عثمان ادريس شقيق الشهيد تمساح وهو من مناضلي الرعيل (إلتحق في عام 65 وقاتل في المنطقة الخامسة) وكان من المتمرسين في القتال ، في هذا الوقت بدأت أسمع عن وجود حزب داخل الجبهة وخاصة عندما أذهب في إجازة لأسرتي في السودان وخاصة من المناضلين الذين يذهبون لقوات التحرير الشعبية ولكونهم ذهبوا من الجبهة كنت أعتبر الأمر دعاية معادية للجبهة التي ساهمت مع إخواني في الرعيل لتأسيسها ولهذا السبب ولغيره لم أكن أصدق ولكن مع الوقت أخذ الشك يتعاظم في داخلي لصالح الإقرار بوجود شيئ ما وكنت أتسأل ما هو هذا الحزب ما هي أهدافه من هي قيادته ولماذا هو سري وما علاقته ببرنامج الجبهة العلني الذي أقر منا جميعاً هل يلتزم به حسب القسم أم ينفذ شيئ آخر هل جاء لضبط الجبهة وقيادتها أم ماذا وكلما سرت بعيداً في التفكير أعود وأستغفر ربي لينصرف تفكيري الى أن الأمر مجرد دعاية معادية للجبهة هدفها التشكيك وبذر التناقض بين المناضلين وبث مشاعر جبهة درجة اولى مقررة وأخرى مجرد أدوات تحركها الأولى وعلى كل حال لم أجزم بوجود هذا الحزب السري إلا عندما دخلت الجبهة السودان عندها عرفت العديد من الأسماء والشخصيات والرموز كان من بينها المناضلين الحقيقين الذين كانوا يتقدمون صفوفنا نحن في جيش التحرير الارتري قتالاً وتضحية وشجاعة وبذلاً وكان فيهم من كانوا عبئاً على جبهة التحرير الارترية وكنا نخجل من أنهم في قيادة الجبهة ومن بين كادر صفها الأول وعلى كل حال فان نزاعات حزب العمل وغيرهم والاختراقات لصالح الشعبية أسقطت الجبهة وأزاحتها من موقع الفاعلية والتأثير

رغم سماعي بحزب العمل الذي ذكرت ما عرفته عنه حتى لاأعود إليه مرة أخرى واصلت عملى الطبيعي وكما قلت فقد كلفت بقيادة الكتيبة 977 وفي هذه المرحلة دخلت أثيوبيا في مرحلة إنعدام وزن بسبب قوة ثورة شعبنا الارتري وإندلاع ثورات القوميات الإثيوبية المقهورة وكذلك ثورات الذين فقدوا ماكانوا عليهم من إمتيازات في زمن الامبراطور وقد إستفدنا من كل ذلك وقمنا بحرب تحرير المدن منذ النصف الأول من العام 1977م بدءاً من مدينة تسني وسأتطرق لها في حلقة لاحقة إنشاء الله  .