ماذا فعلت غزالة بنظام أفورقي؟بقلم / الحسين علي كرار
نشر من قبل omaal في 24-09-2015

ماذا فعلت غزالة بنظام أفورقي؟
بقلم / الحسين علي كرار

وغزالة هنا هي ((المخابرات الأثيوبية))  التي فضحت النظام الطاغي المتجبر المغلق الذي لا يري إلا في الظلام ولا يعرف إلا الرعب والإرهاب والقتل، سلط سيفه على شعبه من الشيخ إلى الطفل الرضيع ، وجعل الحياة قاسية على كل المواطنين الشرفاء ، وكال لهم التهم جزافا فساقهم إلى القبور والسجون وإلى السخرة والهروب ، ودمر كل البنية التحية للدولة والتي تركها المستعمرون المتعاقبون ، وأعاد الحياة إلى الخلف لعقود ، بسيفه البتار، وبعصاباته الإستخبارية ، حتى أوصل ألأمور إلي بكاء الضعفاء وحنينهم إلى أيام الاستعمار القديم .
ولكن ماذا فعلت غزالة بالنظام وغزالة هنا هي (المخابرات الأثيوبية) وقصة غزالة  معروفة ومشهورة في كتب التاريخ الإسلامي ، وهي كانت مقاتلة شرسة من الخوارج وكانت زوجة لقائد عسكري ، وكانت حرب الخوارج قوية  ضد الدولة الأموية وقائدها العسكري الحجاج ابن يوسف المشهور بسفك دمائه، وهو الذي اعتلا المنبر في مسجد الكوفة وجلس ، ووجه مغطى بعمته  ، ولم ينطق بكلمة لتخويف الناس ، فقال المصلون لعن الله بني أمية ، من هذا ؟ فنزع العمامة عن وجهه وقال :
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا   متى أضع العماة تعرفوني
ثم قال يا أهل العراق يا أهل الكفر والنفاق إني رأيت رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لقاطفها ، والله أقول لكم أخرجوا من هذا الباب ، فمن لم يخرج به، إني لقاطف رأسه ، فخافوا على أنفسهم وخرجوا بالباب كما أمرهم .
ويقال أن غزالة أخذ زوجها القائد غفوة ، فانتهزت الفرصة وقادت الفرسان وهجمت على الحجاج ابن يوسف الذي باغتته  وهزمته ، فهرب منها بنفسه وبجيشه ، فأنشد الشاعر يعبر عن ما أصاب الناس منه من ضرر جسيم ، وما أصابه هو من ضرر الخزي والعار على يد غزالة المرأة القائدة ، فأنشأ شعرا  يخاطب الحجاج :
هلا برزت إلى غزالة في الوغى   بل كان قلبك في جناحي طائر
صدعت غزالة قلبه بفوارس      تركت مدابره كأمس الدابر
أسد على وفي الحروب نعامة   ربداء تجفل من صفير الصافر
هذا ما فعلته المخابرات الأثيوبية في حجاج ارتريا ، أثنا عشر عاما وهو يغذي الدمحيت وهم من تجرنية تجراي إخوته في القومية  معارضين نظام بلدهم أثيوبيا والذي يحكمه التقراي  ، يسلحهم ويدربهم  ويعدهم ليومه الأسود القادم، ويستخدمهم في الداخل إذا اقتضت الضرورة ،  والشعب الارتري يتضور جوعا وعطشا ، والنظام يصرف على الدمحيت الأبطال الأشاوس الذين سيغير بهم التاريخ والنظام في أثيوبيا  ، ويضخم حجمهم بدعايته الكاذبة ، قال عنهم أثنا عشر ألفا واتضح أنهم لا يتجاورون الألفين ، وأن الويل كل الويل ليس من الجيش الارتري المجرد من السلاح ، ولكن من هؤلاء الذين سخر لهم كافة إمكانات الدولة ، ولكن الحسرة  ثم الحسرة أن النظام كان هو آخر من  يعلم بأن هؤلاء كانوا يفاوضون أثيوبيا في فرنسا أكثر من عام ، ثم يتوصلون إلى اتفاق ويوقعونه سرا ، ويحددون لحظة الصفر التي يعبرون فيها الحدود و يسلمون جيشهم بسلاحه إلى أثيوبيا ، وبحوزتهم كل أسرار النظام السوداء والتي ستكون السلاح الأثيوبي لإدانة دولة حجاج ارتريا وهو لا يدري ، وفجأة يسمع قعقعت البنادق ويعرف أن الدمحيت سلمت أثيوبيا ، وقضت عليه وعلى أماله وطموحاته الوهمية ، وفضحت غياب أجهزت مخابراته التي اختصت في إذلال الشعب الارتري ، وقضت على كل طموحاته في المستقبل الذي كان يحلم به  وذلك بعد نضال شاق وهب فيه النفس والنفيس ، واليوم الشعب يردد  وقلبه معصورا بالألم  ، ما قاله شاعر غزالة - أسد علي وفي الحروب نعامة – والله هي فضيحة من العيار الثقيل فعلتها المخابرات الأثيوبية ، وهي إهانة كبيرة لهذا النظام المتطاول والمتعالي على شعبه قبل غيره ، كان من الواجب على أصحاب النظام أن يقدموا استقالاتهم ، ويتركوا الحكم للشعب المغلوب والمغبون  بأن يقرر مصيره ، ولكن الإهانة لمثل هذه الأنظمة الدكتاتورية الأحادية الفردية ، هي بمثابة  تيجان في الرؤوس  وأوسمة في الصدور ، يقول الكاتب السوداني إسحاق فضل الله في هذا الشأن في جريدة الانتباهة ((فرنسا قالت إن الدمحيت الجبهة الشعبية المنشقة عن أفورقي كانت تلقى مخابرات أثيوبيا في باريس لمدة عام ، وأمس الأول أثيوبيا التي تدير معركة مخابرات مذهلة قالت أنها هي من جعل دمحيت ينشق على أفورقي ، ومخابرات أفورقي التي الآن تتلقى حديثا عنيفا نسكت عنها ، لأنها مسكينة لا تعرف معشار ما تعرفه كل الجهات))
أمام هذه الفضائح الكبيرة والمهينة التي عمت رائحتها الكون ، ما على نظام أفورقي إلا أن يعترف بأخطائه الجسيمة ، ويعترف انه لم يؤسس لا دولة ولا رجال دولة ولا رجال ثورة ، وإنما أسس دولة قائمة على أعمدت الفوضى والرعب والخوف ، واختار لها رجالها الفاسدون من أصحاب الكأس والكئيسة لضمان الولاء ، فهكذا كانت النتيجة، وهكذا كانت الفضيحة والفجيعة التي تهز أركان النظام ، والتي ستقضي منهم على رؤوس كبيرة ، وبعد هذه المأساة المدوية وهذا الانهيار في أجهزة الدولة ، ليس أمام النظام إلا أن يطرح مبادرة حقيقة  للمصالحة الوطنية ، فقد  تمزق الوطن من أفعاله  ، فيجب عليه أن يعترف بالمعارضة ويفاوضها ، ويجب عليه أن يعترف بانتهاك حقوق الإنسان الارتري فيطلق سراح المساجين بلا ذنب ارتكبوه  ، ويعمل في إرساء دولة المؤسسات والقانون والتنمية ، ويعيد للشعب ثقته بنفسه والتي فقدها بعد هذه الانهيارات الأليمة في أركان الدولة الداخلية منها والخارجية ، لقد سقطت كل الأوهام العنترية التي تمسك بها النظام  ، والاعتراف بالخطيئة فضيلة يا سعادة الرئيس