الإعلام الإرتري المعارض ..بين الاستقلالية و الهوى السياسي صالح أشواك
نشر من قبل omaal في 24-03-2016

الإعلام الإرتري المعارض ..بين الاستقلالية و الهوى السياسي

 

صالح أشواك

توطئيه :

لا يمكن الجزم بأن كل الذي في الفضاء الاسفيري من مواقع يمكن أن يتم إدراجه تحت عنوان وسيلة إعلامية راشدة حيث تعج ساحات

الفضاء الإسفيري  بالكثير من البوابات الإلكترونية التي تحمل عنوان ( إعلام إرتري ) و ربما بعضها يتخذ منحى نافذة شخصية أكثر من كونه بوابة إعلامية يمكن أن تنطبق عليها معايير المؤسسة الإعلامية علي نحو يجعل منها مؤسسة راشد و مستقلة و تتخذ الاحتراف و المهنية سبيلاً في التعاطي مع كل الأحداث بشكل يجعل منها قادرة علي تشكيل الرأي العام إزاء كل القضايا المطروحة و الإعلام يظل هو المكان الذي يجلي الحقيقة نتيجة الاستقصاء و التحليل و الجدل الذي يتبعه في استخلاص الرؤى عدا ذلك يظل مردداً و مخبراً و هنا لابد من التفريق بين الوسيلة الإخبارية التي تورد الخبر في إطار سياقاته الواقعية و بين أعلام يلعب دوراً محورياً في بناء مجتمع ناشئ و حديث عهد في الحصول علي استقلاله ولم تتاح له فرصة ممارسة الحياة الديمقراطية بكل أشكالها ...

و الإعلام يظل دوره الأساسي هو تعبوي و في تقديري التعبئة تحتاج إلي مصداقية حتى يكون لها أثر إيجابي لأن الغاية منها هو ( تعبئة ) التعبئة تعني ملئ الشيء و هنا المقصود هو تعبئة إيجابية أي تعبئة ثقافية لا التعبئة التي تتخذ منحى شمولي في تغذية المواطن بالجوانب التي يراها الحاكم أو المسيطر علي الأداة الإعلامية إنها قيم ايجابية و بالتالي يعمل علي تدفقها بشكل مستمر عبر الإخبار أو الحوار أو المقال أو التحليل و هنا يتم تغيب قسري للذهن والعقل المقارن لأنه لا تتاح له فرصة لالتقاط الأنفاس من هذا التدفق التعبوي عن مسائل يتم تصويرها علي إنها إيجابية مع إغفال واضح لأوجه القصور في الدولة و المجتمع و هنا يتحول الإعلام إلي صوت للدولة و النظام أو المؤسسات الاقتصادية أو الحزبية و يخالف شرط مصداقيته كونه ينبغي عليه أن يكون ( صوت الشعب )

الإعلام الإرتري المعارض تعريفه ..

عندما يكون الحديث عن الإعلام المعارض حتماً أن أعلام التنظيمات السياسية المعارضة يندرج تحت هذا العنوان و لكن بما أن الحديث عن الاستقلالية فأن إعلام التنظيمات تحكمه برامج سياسية و تنظيمية محدد فأن فكرتها الأساسية هي التعبير عن البرامج السياسية و جعلها تنداح في الوسط الجماهيري عبر التعبئة لها و بالتالي فأن هذه الوسائل الإعلامية ستأتي معبرة عن قالب سياسي أو خط و مسار سياسي محدد و لابد التعبئة أن تتماهى مع رغبة القيادة السياسية في حشد الجماهير إزاء ما تتبناه من مواقف و كذلك استخدام وسائلها الإعلامية في تفنيد مواقف القوى السياسة الأخرى التي لا تتوافق معها إزاء أي موقف من المواقف لذا فأن هذا يجعل منها خارج معايير الاستقلالية كما إنها تنظيماً تتبع إلي مكتب ربما القول الفصل يكون عنده ...

إذاً هنا الحديث هو عن المواقع الإسفيرية و سائل الإعلام المقروءة و المسموعة و هي المقصودة بهذه الورقة ...

هل الإعلام الذي لا ينضوي تحت عنوان سياسي مستقل .... 

لا يمكن الجزم باستقلاليته يشكل مطلق لأنه يعاني من ذات المشكل التي تعاني منها الساحة الوطنية حيث الانقسام علي الثنائية الدينية و الثقافية و تبعاً لذلك فأن الإعلام الذي يفترض أن يقود الحراك الوطني وفق معايير لا تقبل القسمة علي أثنين غدا طرفاً في تصعيد أوار الصراع الذي تعيشه الساحة فهناك إعلام ناطق ( بالتجرنية ) يسعى إلي حشد موقف مسيحي إرتريا إلي معسكر هذه الثقافة كما أن اللغة تظل عامل مهم في استقطاب القراء و المستمعين و نتيجة لممارسة النظام في تغيب العنصر المسيحي من التسلح بمعرفة اللغة العربية فأن هذا و إن تحرروا من عقدة الثنائية الدينية و الثقافية لا توجد لديه القدرة علي الإستماع إلي الخطاب المحسوب علي المسلمين وثقافتهم العربية و بالتالي فأن هذا العائق كان بالإمكان مجابهته بوسائل أخرى من خلال النشر باللغة الإنجليزية و توجيه الخطاب إلي الطرف المسيحي لأنني و بمنتهى الصراحة أرى أن خطاب القوى المحسوبة علي المسلمين و الثقافة العربية أكثر اعتدلاً في جعل أمر التعايش ممكناً خلا بعض الخطابات التي هي نتيجة طبيعية لممارسات النظام في إحداث تغيرات ديموغرافية أفضت إلي أصوات ينظر إليها البعض علي إنها نشاز و لكن كنه الحقيقية تظل أن ظهور هذه الأصوات هو تفسير لنظرية أن لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدارو معاكس له في الإتجاه و هذه النقطة بالذات غائبة عن الإعلام الذي سوف نسميه لاحقاً الإعلام النخبوي الليبرالي !! 

و عليه فأن القول باستقلالية الإعلام المعارض الذي لا يعبر عن لون سياسي مؤطر هي مراهنة في غير محلها نتيجة لعدم و جود هذه الاشتراطات التي يجب أن تتوفر في محرر الوسيلة الإعلامية المستقل من أي هوى سياسي أو ميل أيدلوجي و لعدم تطابق مصطلح الإعلامي المستقل علي أغلب محرري المواقع الإسفيرية و الإذاعات المسموعة حيث أنهم ينتمون إلي تنظيمات سياسية حتى لو أعلن البعض منهم إنه لا يمثل لون سياسي أو ينتمي إلي فصيل سياسي إلا أنه بالتأكيد ينتمي إلي مدرسة أيدلوجية و هذا الإنتماء يفرض عليه التعبير بشكل يعبر موقف تياره الأيدلوجي .

هل تتوفر موصفات الإعلامي في أغلب محرري المواقع ...

 المحرر يحتاج إلي مواصفات تجعل منه حصيناً و منيعاً من سطوة الهوى و الميل الشخصي منها الحس الإعلامي الذي يمكنه من معرفة الدوافع من وراء أي يخبر يتم دفعه إليه كما أنه يجب أن يكون مهنياً لأن الإعلام مهنة و علي صاحبها العمل علي تنمية قدراته من إمتلاك ناصية المعرفة بكل الوسائل الواجب استخدامها في العمل الإعلامي إذا لم يعد الإعلام ( رقعة قرطاس و يراع ) بل تحول العالم إلي قرية نتيجة الطفرة التقنية و التي علي الإعلامي الإمساك بأدواتها عبر التمكن من التقنيات العالية المستخدمة في الإعلام  و الجانب الأخر و المهم هو القدرة علي توفر اللياقة البدنية لملاحقة الأخبار و تمليكها للمتلقي عبر إتقان الربط بين جهده و المادة و أهمية وصولها للمتلقي في التوقيت المناسب علاوة علي قدرته في إدارة علاقاته العامة بشكل جيد مع الجميع و أن يكون علي مسافة واحدة من كل الأطراف و هذا ما نفتقده في إعلامنا المعارض حيث لا قدرة علي تجسير الهوة بين الإعلام و التنظيمات السياسية و هذا شأن سنتحدث عنه في إفتراع أخر كما أن الأمانة و النزاهة تعد واحدة من الاشتراطات و بل من أهمها إذا أن غالب المعلومات التي يحصل عليها الإعلامي يجب أن يتم استخدامها بصورة أمينة

و خلاصة القول أن الإعلامي يحتاج إلي عقل متوازن ينطوي بداهة على ملكة التمييز والقدرة على رؤية الأشياء وفقا لبعدها النسبي . ... 

أزمتنا مع إعلام المدرسة الليبرالية و بقايا اليسار( الإعلام العربي) !!!

لا يمكنني أن أثق في صحة هذه التسمية و لكن دعونا نفترض ذلك مجازاً إذ أن إعلامنا هو إعلام ينطوي خطاب مدرسة إسلامية وطنية و أخرى تنظيمات وطنية تقليدية و أخر يعبر عن لونيات محددة و كل هذه الوسائل الإعلامية ترى فيها و بشكل واضح أثر الثنائية الدينية و الثقافية و بحدة أقل عن الإعلام التجرنياوي الذي يوجه خطابه و بشكل حصري للمسيحيين دون سواهم و هنا يبرز الفرق في الحذر بين الخطابين الإعلاميين إذ أن الخطاب التجرنياوي يتحدث و كأنما تجرنة الدولة أمر لا خلاف فيه و أن التصدي لدور القيادة و السلطة و الحكم هو حق متاح لهم دون سواهم  و أن الأرض هي مملوكة للدولة و أن الثقافة الوطنية لإريتريا هي الثقافة التجرنياوية و هذا مسلمات و بالتالي لا قلق لهم من واقع حال إرتريا الغد بعد زوال رأس النظام فقط الذي سيحدث هو تغير في المسميات في شخصيات الحكام وفق خيارات ديمقراطية علي أسس ذات الدولة القائمة علي إقصاء الثقافة العربية و روح الإسلام و نجح إعلامهم في التسويق لمثل هكذا مفاهيم عبر تحيد القوى العلمانية و المستلبة فكرياً و الخاضعة لخطاب ( حادي لبي حادي هزبي ) و ربما هذا الذي يعمق الأزمة بين فصائلنا الوطنية من الطرفين .. و من بين هذا و ذاك يبرز أعلام عربي محسوب علي القوى السياسية ذات الغالبية المسلمة و التي تتبني الثقافة العربية و لكن هذا الإعلام بدلاً من تبنيه لخيارات وطنية معتدلة كما هو حال القوى السياسية التي تعبر عن تكل المسلمين الذين فرض عليهم الإقصاء  فأن هذا الإعلام  يعبر و بشكل صارخ رفضه لهذا التكتل علي هذه الأسس التي حتمتها الثنائية و يوجه خطابه إلي هذا التيار عوضاً عن رفضه لممارسات الطرف الأخر الذي يعمد إي ضرب أسس الوحدة الوطنية عبر الدعوة إلي جعل كل المجتمع الإرتري ينصب في قالب واحد و ثقافة واجدة بعد أن وطد لها و مع الأسف هذا الإعلام لا يقوم بالتبصير و ليته قام بذلك و لكنه يمارس سياسة جلد الذات و تثبيط أي عمل من شأنه أن يعضض التلاحم بين أبناء مسلمي إرتريا و يأتي خطاب هذه الطائفة من الإعلام معبراً أما عن حالة غيبوبة يعشها محرريه أو أنهم يفتقدون الثقة في أنفسهم و حواضنهم الدينية و الثقافية أو ما زالوا يعيشون الإغتراب الفكري و السياسي الذي زال من الأغلبية بعد أن ردهم الله رداً جميلاً إلي تلك الحواضن الدينية و الثقافية و بعض أخر من ذات المدرسة نشأ في ظروف بيئة شمولية نمت و ترعرعت في جبال الساحل ربما كان لها ما يبررها في فترة الكفاح المسلح و علي الرغم من ظهور بوادر أستمرارية النهج الشمولي قبيل الإستقلال إلي أن هذا الشمولية أستمرت إلي عهد الدولة الوطنية المستقلة و ليستمر الإعلام بذات النبرة الشمولية التنظيمية و إلي أن تحول إلي شمولية فردية تفتك بكل من يناوئها سراً أو جهراً و ربما من أختار خيار الفكاك من أجهزة الدولة رافضاً شمولية الفرد لم يعد قادراً علي الفكاك من شمولية التنظيم وربما ما تعرضوا له من تدمير نفسي متعمد عبر شتى الوسائل جعلهم عند نقطة المفترق مع إستعادة ثقتهم بمجتمعهم المسلم و ربما بعضهم تم تضخيم الذات فيه عبر تسويق فكرة أنه ما كان ليحظى بهذا الموقع لو لم يكن متميزاً في ظل هذا الفارق العددي للعنصر المسيحي في التنظيم و أنه يمثل مسلمي إرتريا و هذا ربما حول بعضهم إلي الشعور بنخبوية لا معنى لها و ظلوا يحلمون و تري خطابهم ينطوي علي رفض طائفية النظام لأنهم كانوا هناك !!!!! مثل النوع من الإعلام الذي يديره من ذكرناهم ربما يجعل انتصارنا عصياً ...

إعلامنا و الموقف من القضايا الكبرى !!!!

الإعلام فئات هناك إعلام رسالي يعبر عن القضايا الكبرى في مهنية و احتراف حقيقي و هناك إعلام مظاهر يتبني سياسة ردود الأفعال دوماً من كل محفل أو إحتشاد و طني و هذا ما نلمسه من بعض المواقع الإعلامية من دأبها علي أجترار  مقولة أن المعارضة عاجزة علي مواجهة النظام و إنها عبارة عن تجمع سياسي لمجموعات غير ناضجة سياسياً و بالتالي مخرجات أي توافق بينها مسيره الفشل عوضاً عن الحديث بشكل موضوعي في أوجه القصور و إجلاء نقاط الضعف مما يتيح للقوى السياسية معالجة هذه الهنات في أدائها السياسي فلا يمكن أن يكون الإعلام ممانعاً بالمطلق كما إنه لا يمكن أن يكون موالياً بالمطلق هنا يعد الحياد مطلب و حشد و تشكيل الرأي الشعبي العام مسألة مناطة بالإعلام الواعي و لكن منهجية الممانعة المطلقة و المولاة المطلقة في تقديري أن مثل هكذا إعلام يخدم النظام من حيث يدرى أو لم يدري و في تصوري أن ذات الشريحة من الإعلاميين و منابرهم تظل مواقفهم معتلة إزاء الموقف من القضايا الكبرى مظنة أن التكتل علي أساس الحقوق الخاصة بالمسلمين و التي تعد عنصر مهم في إكتمال الثوابت الوطنية إنها تحدث خرقاً في جدار الوحدة الوطنية التي جاءت بالإستقلال و كأنما عنوان الوحدة الوطنية هو تنظيم الجبهة الشعبية و هذه هي المفارقة العجيبة من جهة يناهضون النظام ومن جهة يلبسونه حلة الوطنية .

 قدرنا أن الكتل الإعلامية التي تشكلت من شخوص يعانون إعتلالات في عدم القدرة علي رسم مواقفهم علي أساس إعادة استقراء خارطة الأداء للجبهة الشعبية و القوى العلمانية التي غيبتهم تحت مفاهيم الوطنية الناقصة و المفاهيم الأيديولوجية العرجاء بما لا ينسجم مع حقيقة أنهم مسلمون والثقافة العربية وأداتها اللغة العربية تشكل وجدانهم تعبداً و تعلماً هذه الكتل مازالت في سكرة أو غيبوبة و حتماً إنها تعمل علي التشويش عبر صرف الشباب عن القوى السياسة المعارضة إذا الجيل الحديث يحتاج إلي تبصير بممارسة الجبهة الشعبية قبل التحرير في طمس معالم تأريخنا الوطني و عمل القوى الطائفية النافذة فيها علي رسم وطن لا يعرف الجيل غير ملامحه الراهنة و أن هذا الإعلام له فعل السحر في تبديد كل جهد لإستقطاب الشباب لأن نفس الشخوص الذين يديرون هذا الإعلام هم من ذات الشباب المغيب و هذا يجعلنا نلوم المعارضة علي عدم قدرتها علي خلق إعلام موازي يناهض مثل هذا الإعلام ...

لم أرى تحليلاً لأي موقع كلمة تحرير يشار فيها إلي موقف إيجابي من القضايا الكبرى كالأرض و عودة اللاجئين و الحريات الدينية و التعليم و اللغة العربية والموقف الرسمي للقوى المسيحية منها لم أقرأ كلمة لأسرة تحرير أي موقع إزاء التطاول علي رمزنا الوطني الشهيد القائد حامد إدريس عواتي خلا أخبار شكلاً تعبر عن مهنية و مضموناً تفتقد إلي الدور الرسالي للإعلام في صياغة موقف وطني موحد إزاء القضايا الكبرى ....

أذاً هناك مظاهر إعلام و لكنه في جوهره لا يعبر عن كنه و حقيقة الإعلام الملتزم بالخط الإعلامي الذي يمتلك أدوات نسج الرأي العام و يرسم معالم المستقبل غير ترديد مبادئ الحرية دون العمل علي ترسيخها عملياً عبر تبنيها..

و الله المستعان ....