جماهير جبهة التضامن والتحديات القادمة

(قراءة في البيان التأسيسي لفرع كندا النموذجي)

خدمة قبيل : gabeel.net

منذ إعلان جبهة التضامن الإرترية في الربع الأول من العام الماضي 2009م ، إنتظمت ساحة العمل الجماهيري بين قواعدها وأوسع القطاعات العريضة من جماهير شعبنا في المهجر، دفقا جديدا من الحيوية التي إفتقدتها في العقود الماضية، حيث كان التفاعل الجماهيري في أقصى درجاته برودة في الحد الأدنى  .. جاءت المبادرة من أستراليا بتكوين فرع جماهيري من قواعد تنظيماتها وتلك القطاعات الواسعة ترحيبا بهذا الميلاد الحميد، فالسودان وفروعه وختاما في أقصى الشمال الغربي للكرة الأرضية ، والبقية في الطريق .

إن الدلالة الأولية لهذا التفاعل يظهر حقيقة إستمرارية إتقاد الجذوة النضالية لهذه الجماهير العريضة، التي ما أنفكت تواصل، بقدر ما يتاح لها  إظهار رفضها للواقع القائم في كافة معطياته. لم تر في الحياة الأمنة - بقدرما عن الداخل الإرتري -  مرتعا للحياة السهلة، وتمد جسور مصالح وقتية، جهد نظام القمع والتهجير والتهميش لجرها إليه بكل وسائل الترغيب والترهيب، ما جعلت من المنافي ومنافعها بديلا للوطن الذي مهر ذاكرتها الوطنية واللحظية، فظلت تحرص على إبقاء جذوتها، في أمل تهيء الظرف الملائم ، فكان هذا التلاقي بين المولود والتفاعل الجاري ، والحراك القادم .

في هذا السياق تأتي الدلالات الهامة التي نص عليها البيان التأسيسي لفرع جبهة التضامن الإرترية في كندا، وإذا تجاوزنا المدخل العفوي، بين الإنتظار والإعتذار، فإنه حدد مهمات المرحلة ليس في السياق الشكلي التنظيمي للقواعد، وإنما تجاوز الإرث التاريخي للجماهير الإرترية في تجربتها النضالية ، إلى آفاق دورها في المراحل التالية للتغيير الذي تناضل اليوم من أجله، فتحدث البيان عمّا  تريده هذه الجماهير بجلاء.

في السياق الوطني العام : كيف يمكن تحويل التوافقات الإرترية العامة القائمة حاليا في مواجهة نظام القمع والتهميش والتهجيرإلى تواثق حقيقي يمس أشكال الحياة الإرترية التي ننشد في الآتي، على أرضية الكيانات القائمة حاليا كمقدمة لما بعد التغيير، واضعا أسس الشراكة الحقيقية بديلا لمنهج التهميش والتهجيروالإستقواء والإستعلاء والإحتواء بالوسائل المشروعة أوغيرها، ثم كيف نحشد كافة طاقاتنا لإدارة التغيير حتى بلوغ أهدافه الآنية والمستقبلية .

في السياق التنظيمي : كيف  إن مهمة بناء قوى سياسية قادرة على إدارة عملية التغيير تتطلب مشاركة كافة قوى المجتمع في العملية التنظيمية، من الأسفل إلى الأعلي ، وكيف إن قاعدة الحقوق التنظيمية تمارس  دون إلغاء للتنوع بكافة صوره – إثنيا ، ثقافيا ، فكريا – حين تكتسي العلاقة التنظيمية بالشفافية في إدارة العمل، المؤسسية في الممارسة، والديمقراطية في الخيارات الفكرية والأيدلوجية ، ثم كيف تبتني قوى قادرة على ممارسة الحكم والقيادة ، ولها المصلحة في ذلك ، وليس لمجرد تطلعات وقتية  أو أماني طيبة.

في السياق الجماهيري : إن الحقوق تنتزع ليس بالقوة القاهرة فقط ، وإنما بالعمل والمثابرة، والقدرة على تطويع الواقع، وليس بالتفرج عليه، وأول أشكال سلب الجماهير دورها، هو تسهيل بقائها بعيدا، والتجربة على مدى العقود الماضية كافية .

بهذه  الأبعاد وضع بيان تورنتو لجماهير جبهة التضامن الدليل النظري من الأسفل، بمثل ما وضعت ذلك جماهير شعبنا في تجربته النضالية السابقة دلائلها النظرية والعملية للثورة الإرترية، في بداياتها، وشكلت أطرها التي تغذي إلى يومنا هذا ذاكرتنا النضالية، والتي كان عناوينها المبادرة والإخلاص والوفاء والتضحية.

هذا هو التحدي الحقيقي لهذه الجماهير في مسيرتها الجارية، وكيف يتحول الشعار إلى جسد مرن قادرعلى التناغم والحوار، وغير قابل للتفتيت والإنكسار ..!

فالتحية لتورنتو .. والتحية لكل الغيارى ..! وإلى محطة قادمة ..!