بدأت رياح التغيير الديمقراطي تهب في إرتريا
منذ 19 من يناير الجاري، وقد تجاوزت نسائمها البحر. ولا شك بأن تحرك قوى المعارضة الإرترية في الخارج سوف يقوي ويعزز
الحراك من أجل التغيير الذي بدأ في الداخل، وإن التحركين سيسندان بعضهما بعضًا تقوية ونصرا إلى أن تتحقق تطلعات
ورعبات شعبنا المغلوب على أمره .
بديهي أن يتمنى المرء تحقيق كل ما يتمناه، إلا
أن عدم تحقق كل الآمال لا يعني بأي حال من الأحوال رفض أي تغيير بغض النظر عن حجمه، فالتغيير في إرتريا
أمر محمود
وانفراجة في العتمة المخيمة على الشعب الأرتري. لذلك ليس هناك خيار أخر إلا دفع عجلة التغيير الديمقراطي الذي بدأ إلى الأمام.
إن النضال الطويل الذي خاضته تنظيمات المعارضة
ومنظمات المجتمع المدني الإرترية من كشف لممارسات النظام وإنتهاكاته لحقوق المواطن وما قامت به من ضغوط تجاه هذا
النظام، يبدو أن الوقت قد حان لقطف شعبنا ثمار نضالات المتواصلة.
بديهي القول بأن سياسات النظام الشمولي لم
تمكن المعارضة الإرترية في الداخل من العمل بالصورة المطلوبة. وإن الشعب الإرتري الذي عانى الحرمان والعزل قد وجد
متنفسا جديدًا ، ولا نعتقد بأنه توجد قوة تستطيع أن تقف أمامه وتوقف مسيرته. هذا الشعب الذي صنع المعجزات في طرد
المستعمر الأجنبي لاولن تلين عزيمته أبدا، فهو يمتلك اليوم كما الأمس الفكر والقوة لتكرار تلك المعجزات.
نعم كما يقول المثل "اضرب الحديد وهو ساخن"،
فإن الرئيس الإرتري، الذي كان يعتقد حتى الأمس القريب أنه من الصعب الاقتراب أو النيل منه، نجده اليوم يتوسل للنفاد
بجلده ويساوم لإنقاذ حياته. ولا جدال بأن موقفا كهذا سيفتح فصلا أومرحلة جديدة في نضال الشعب الأرتري.
إن ما نشاهده اليوم يدعو إلى العجب والاستغراب،
فإسياس الذي كانت تبدو صورته وكانها منحوتة في ذاكرة شعبنا كتمثال مرعب، قد جاء اليوم الذي يتخلص فيه شعبنا من الخوف
والرعب. وإن رؤيتنا لإسياس وهو يتوسل للخروج من أزمته فلا يمكن التقليل من التغيير الإيجابي الذي ستحدثه في تفكير
شعبنا.
إن المشهد الذي نحن أمامه اليوم في إرتريا وإن
لم يُصب الهدف المنشود، يجب تشجيعه وتقديمه بصورة إيجابية؛ لأنه سيكون له الدور في تغيير طريقة التفكير والإعداد
ليعاود الشعب الأرتري المحاولة مرة أخرى لإلحاق الهزيمة بالديكتاتورية، ويتأكد بان إسياس أفورقي ليس شخصية خارقة بل
هو شخص عادي مثله مثل غيره من البشر. والمشهد الذي أمامنا اليوم يعتبر خطوة إيجابية ستفتح الآفاق أمام شعبنا للتفكير
مليًّا في تغيير إسياس في الوقت الذي يريده وبالكيفية التي يختارها .
لذلك إن موجة التغيير الديمقراطي الحالية يجب
أن تتصاعد وتواصل بنفس القوة والاندفاع، وعلينا القيام بما نستطبع دون تباطئ أو تاجيل لإيصالها إلى الشعب الأرتري
الذي يعتبر صاحب المصلحة الحقيقة فيها.
مع التأكيد بأن النضال من أجل التغيير
الديمقراطي يتم بشكل رئيسي بالعمل النضالي في الداخل، فإن دعم قوى المعارضة الإرترية في الخارج له، بغض النظر عن
حجمه، سيساعد بالتأكيد في إشعال شرارة التغيير الديمقراطي التي بدأت حاليا في الداخل. وعليه فعلى كل الحادبين على
التغيير الديمقراطي من أبناء الشعب الإرتري مطالبون بتصعيد نضالاتهم من خلال تنظيم المظاهرات السليمية وطرق كل
الأبواب القانونية لإيصال صوت شعبنا إلى كافة الجهات المعنية.
إن على التنظيمات السياسية أو منظمات المجتمع
المدني أو اتحادات المرأة أو الشباب وكل الحراك الوطني ، عليهم جميعا، كما ذكرنا، تنظيم التظاهرات والمسيرات
السلمية وأن يسلكوا كل الطرق القانونية الأخرى في سبيل تحقيق الدعم المطلوب للمطالبين بالتغيير الديمقراطي وإسناد
المقاومة التي انطلقت في الداخل لتغيير النظام الشمولي في إرتريا.
على الجميع أن يضاعف الجهد والنضال الجسور أكثر
من أي وقت مضى، حتى لاتتراجع موجة التغيير الهادره التي نريدها إعصارا وإجتثاثا للنظام الدكتاتوري .
إن "مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة " كما
يقال.... لذا علينا أن نتحرك والعيب كل العيب أن نقف مكتوفي الأيدي ومتفرجين...علينا أن نهتدي بشعلة الحرية التي
أمامنا.