عذراً
أبي : فالعبرةُ لذوي الألباب . اخترت وطناً لا أُسرة ولا قبيلة (2-4 )
بقلم الدكتور : كرار
حامد إدريس عواتي
الشعوب لا
تصنعُ رموزها .
ما قرأتُ أو
سمعتُ أن شعباً ما اختارَ فرداً من أفرادهِ و صنعَ منهُ أو أعده إعداداً ليصبح في المستقبل قدوةً و مثلاً و رمزاً له .
ولكن قد
يصنعُ شعباً ما قائدهُ أو ملكهُ ، فقديماً ( وحاضراً ) كان الأمير ينشأ في قصر أبيه الملك ويعدُ إعداداً ليتوجَ ملكاً في
المستقبلِ ، وحديثاً تُنشئُ الدولُ المدارسَ و المعاهدَ و الجامعاتِ التي مهمتها إعداد القادة والإداريين في مختلف نواحي
حياة المجتمع السياسية و العسكرية و الاقتصادية و الاجتماعية .
أما الرمزُ
فلا يصنع صناعة ولا يعد إعداداً كما إنه لا يُخلق من العدم . بل هو واحد من أبناء الشعب ، يولد من رحم الشعب ، يرى فيه
عامة الناس أنه واحدٌ منهم ، يحمل خصالاً وطنية نقية ، لا يقبل الضيم أو الظلم ، ذو مواقف وطنيه شجاعة ، يؤمن بحقوق الشعب
وقضاياه ، مستعد للدفاع عن الشعب ، والتضحية من أجله بماله و دمه .
ولكن
أين تتكون أو تتشكل أو تصنع شخصية الرمز ؟
الأسرة
وتربيتها ، البيئة و تأثيرها ،
معرفته و فهمه لتاريخ
وحاضر الشعب ، الإيمان بالشعب و حقوقه و قضاياه والاستعداد للنهوض من أجله . كلها عوامل تسهم في تكوين شخصية الرمز.
حامد إدريس
عواتي فايدوم فايد محمد إدريس أبوعكا :
ينتمي في
المكون الإرتري للبني عامر وفيها لقبيلة الحفرا المعروفة في تاريخ منطقة غرب إرتريا وشرق السودان حيث حاضرتها قرية حفرا
الواقعة شرق مدينة كسلا السودانية .
تاريخياً
اشتهر الحفرا بالشجاعة و الفروسية و مقولة ( فارس حفرا ) المعروفة في غرب إرتريا لم تأتي من فراغ ، كما اشتهروا بمقاومتهم
للاحتلال العثماني ثم الإيطالي .
جده فايدوم
زعيم الحفرا اشتهر بالعدل ، ويروى أنه كسر يد أحد أبناءه عقاباً لأن ابنه كسر يد أحد أبناء القبيلة .
جده
عواتي فايدوم الرجل الذي رقص مقيداً ( ود فايدوم إبْ قيدو لبرّجَ ) في سجون المستعمر ، لم يقيد و يسجن لأنه أجرم بحق أحد
ما أو نهب ماشية أحدهم ، بل لأنه قاوم المستعمر الإيطالي والده إدريس عواتي
معروف في منطقة القاش بمقاومته للمستعمر الإيطالي ، و ملاحقة الجيش الإيطالي له لسنين دون أن يفلحوا في أسره أو ثنيه عن
مقاومتهم .
حامد إدريس
عواتي تربى في كنف هذه الأسرة الوطنية التي تناقلت الفروسية و الشهامة و الشجاعة أباً عن جد ، و نهل من منهل هذه الأسرة
الوطنية وتشرّب الرّفض و المقاومة ، ثم كرّس حياته و خبرته العسكرية لنصرة المظلومين و الدفاع عن الارض و استرداد الحقوق .
ولمعرفة
الشعب الإرتري بتاريخ حامد إدريس عواتي ومواقفه الوطنية اختير قائداً لجبهة التحرير الإرترية ورمزاً لثورة الشعب الإرتري
ومثلاً وقدوة لمناضلي جيش التحرير .
فهبّ القائد
الرمز الشهيد حامد إدريس عواتي ملبياً نداء الشعب الإرتري غير متخاذلاً أو رافضاً، وغير آبهٍ لمستقبلِ أسرةٍ أو مصلحةِ
قبيلةٍ أو عشيرةٍ .
فالقائد
الرمز حامد إدريس عواتي لم يفاضل بين مستقبل أسرة ومستقبل الشعب الإرتري ، كما لم يجيّر نضال الشعب الإرتري لمصلحة قبيلةٍ
أو عشيرة .
واليوم في
إرتريا المحررة، السواد الأعظم من الشعب الإرتري لا يعرف ماذا حل بأسرة الرمز عواتي وأبناءه و ممتلكاته بعد إعلانه ثورة
الشعب الإرتري ، ولا يعرف عن حياة هذه الأسرة، وهنا سأكتفي بذكر أن إعلام حكومة الجبهة الشعبية ؟ للعدالة !!؟ و
الديمقراطية !!؟ أعلن عبر الفضائية الإرترية إنه قد اكتشف وجود أسرة الشهيد عواتي بمحض الصدفة في مدينة قلوج ، وكان ذلك
في 24/5/2004 أي بعد ثلاثة عشر عاماً من التحرير ، ثم عاد ونسيها بعد ذلك.
(أما لماذا اكتشفها ثم
نسيها ؟ سأترك الإجابة للقادمات من الأيام و المقالات ) .
وروى لنا
آباؤنا من الرعيل الأول رفاق الرمز حامد إدريس عواتي أنه في أول اجتماع لنواة جيش التحرير أن الشهيد الرمز عواتي قال لهم
: من حمل هذا السلاح مشيراً إلى بندقيته لغير غرض تحرير إرتريا و شعبها ، وحمله لغرض الانتقام الشخصي ، أو لغرض السلب
والنهب ، فليعد الساعة إلى بيته .
كما رووا لنا
أن القائد الرمز عواتي قد عاقب من هم من أقاربه و رفاقه قبل إعلان الثورة لأنهم رفضوا قرار اختيار من يملك الخبرة
العسكرية من الرعيل لقيادة المجموعات التي قسّمت إليها نواة جيش التحرير .
هذا القليل
من القائد الرمز الشهيد حامد إدريس عواتي
.
فمن أنت يا جنرال الجيش
الأثيوبي ماضياً وحاضراً ؟
ومن أنتم يا
من في الحركة ؟ الديمقراطية
!!؟ لتحرير
!!؟ كوناما إرتريا ؟
والفتنة أشد
من القتل
.
يتبع يا ذوي الألباب .