بسم الله
الرحمن الرحيم
حروف في وداع
القائد الشهيد محمد الحسن أبوبكر
بقلم المهندس/ سليمان فايد دار شح
يا له من زمن تعيس, وياله من
مختبر , ويالها من محنة, يرحل عظماء ورموز إرتريا واحدا تلو الآخر يودعون بجنائز خجولة مشتتة لا طعم لها بعيدا عن أرض
الوطن, وأخيراً رحل القائد الجسور والفدائي المقدام محمد الحسن أبوبكر.
ان الموت لا أعتراض عليه وفي أية لحظة
هذه سنة الله في خلقه, ولكن الألم هو لماذا يرحل هؤلاء الوطنيون الشرفاء ويبقي العار والنشاز يتفنن في قتل الشعب وتشريده
ويتفنن في تبديد الثروات والمقدرات ومصادرة الحريات العامة والخاصة .
عند استشهاد القائد حامد إدريس عواتي في
28/5/1962م تولى قيادة جيش التحرير الارتري المناضل محمد إدريس حاج, وواصل القائد محمد إدريس المسيرة النضالية التي بدأها
عواتي بإرادة قوية وعزيمة لا تلين حتى لقي ربه شهيداً في بداية سبتمبر 1962م في معركة (انجحت) بمنطقة (عنسبا - باب
جنقرين) شمال مدينة كرن.
وواصل رفاق القائد الشهيد محمد إدريس
حاج المسيرة النضالية حتى طغى طوفان الثورة واندفع تيارها ليغطي إرتريا كلها, وطرقت الثورة كل باب ودخلت كل بيت إرتري
وفرضت وجودها على الساحة الإرترية وجذبت إلى مساحاتها في كل يوم جديد قوى جديدة من المتطوعين . ففي 16/6/1962م انضم إلى
ركب الثورة كوكبة جديدة من المقاتلين الشجعان وكان أحد هؤلاء الأبطال الشهيد محمد الحسن أبوبكر, الذي تقلد خلال مسيرته
النضالية الحافلة بالبذل والعطاء أرفع المناصب والمسؤليات العسكرية والسياسية وكان أخرها عضو المجلس المركزى لجبهة
التحرير الإرتري.
الشهيد القائد محمد الحسن أبوبكر غني عن
التعريف عرفه الناس بأدبه الجم وتمسكه بعادات أبائه وأجداده في الكرم والوفاء وهو صاحب أخلاق عالية ومحب للجميع , عرفوه
مؤمناً تقياً ورعاً زاهداً , قلبه متعلق بالمساجد وتلاوة القرآن الكريم, إجتماعي من الطراز الأول يشارك الناس أفراحهم
وأتراحهم .
عرفه رفاقه المقاتلين رجل مواقف ومهمات
صعبة وتحدى وصمود, عرفوه شجاعاً مقداماً لا يشق له غبار.
استوعب القائد الشهيد محمد الحسن أبوبكر
في وقت مبكر من حياته الواقع الإرتري ومفرداته وما يتطلبه وعمل على ضوء ذلك وقدم نموذجاً راقياً للمناضل الثوري الملتزم
وخاض غمار العمل الجهادي بروح متوثبة تؤمن بقيم الحق والخير وتراهن على مواجهة تحديات المستقبل في سياق رؤية حضارية صحيحة
وممارسة ديمقراطية تنتصر للإنسان وتقف في حومة الميادين صادقة الوعد والعهد.
رحل الشهيد محمد الحسن أبوبكر وهو
لايملك في البسيطة رصيد وأموال بل ترك سيرة عطرة تحكى فصول مشهودة ونقاط ضوء وعنوان مجد ستظل تتناقلها الأجيال وتمثل
نبراساً لعشاق الحرية ولكل التواقين للأنعتاق والسائرين على درب النهوض الوطني .
توفى يوم 3 مارس 2013 إلى رحمة مولاه
بمدينة كسلا بعيداً عن الأرض التي عشقها ولسان حاله يقول قول الشاعر يبات علي دار شح:
يا عيد هل يعلم الأحباب ما
كانا من أمرنا كيف بالآلام مسانا
بعد الأحبة إنا في ظلال
الأسى ننسج من ورق الأشواق أحزانا
إنا إذا زار أحباب
أحباءهم وأطفأوا من سعير البعد نيرانا
رحنا نعانق في وهم
تصاوريهم ونحتسى من كؤوس البعد ألوانا
من غادر الأرض في يوم سعيد غدا
في سجن غربته للنفس سجانا
يدافع النفس لا تصبو له في نفسه
وله قد خط في نظر (الهقدف) اخوانا
كم من غريب له نفس
وله إذا استبدت به الأشواق أبكانا
إذا اشتهى الناس أموالا
وأرصدة نحن اشتهينا ورب الناس أوطانا
