جلادون وسجانون لا يعرفهم العالم رغم أنهم الأعتى !!!

 

علي عافه إدريس

     أقسى أنواع الاضطهاد الذي عرفه العالم هو ما حدث في الاتحاد السوفيتي خلال الفترة من 1929م حتى 1956م في معسكرات العمل الإلزامي والسخرة  المعروفة بـ(الغولاغ) ، تعرض فيها المعتقلين بتلك المعسكرات لكل أعمال السخرة و أشكال القمع والتنكيل ، فقد كانت تلك المعسكرات معقلا لانتهاك حقوق الإنسان في أبشع صور الانتهاك بما تعنيه كلمة انتهاك ،  وأنا هنا سأقارن ما قيّمه العالم على أنه أقسى أنواع الاضطهاد بالذي يحدث في أرتريا ولفترة امتدت لأكثر من ثمانية وثلاثين عاما وإن كانت فترة العشرون عاما الأخيرة هي الأوضح من بينها ، ومن خلال تلك المقارنة سنعرف درجة جلادونا وسجانونا من بين جلادو و سجانو العالم.

·               ما قيّمه العالم على أنه أقسى أنواع الإضطهاد حدث في فترة كانت فيها درجة الاهتمام بحقوق الانسان ضعيفة للغاية حيث كانت تلك الحقوق مجرد إعلانات لم تأخذ وضعها للتنفيذ ، أما يحدث في أرتريا يحدث في فترة شهدت إهتمام وحساسية عالية لحقوق الأنسان وعقوبات رادعة لمنتهك تلك الحقوق ومع هذا جلادو وسجانو أرتريا يرتكبون أبشع الجرائم دون أن يرف لهم جفن .

·                   أن الغولاغ كانت عبارة عن معسكرات في مناطق مفتوحة عليها حراسة مشددة يحرسها حراس شداد غلاظ نزعت الرحمة من قلوبهم ، ونتيجة لقساوة طقس سيبيريا(على المعتقلين وسجانيهم) لهذا كان يتم بناء الأكواخ تحت الأرض بحثا عن الدفء ، بينما في أرتريا المعتقلات التي تقابل معسكرات الغولاغ المفتوحة هي عبارة حفر تحت الأرض في أعلى مناطق العالم حرارة ليس بحثا عن الدفء إنما زيادة في البطش والتنكيل ، بينما يبقى السجانون فوق الأرض ليسومو المعتقلين أسوء أنواع العذاب.

·                   مع اختلاف درجة الصعوبة وتوالي الفعل أن أعمال السخرة تمارس في أرتريا على الجميع وعلى مرأى من الجميع ، في المدن والأرياف ويتم فيها إجبار الرجال والنساء على رصف وتعبيد الطرق وشق قنوات الري  وردم الترع وحرث الارض و حصاد المحاصيل وغيرها من الأعمال الشاقة ، هذا بالإضافة للأعمال الشاقة التي يقوم بها المعتقلين في معتقلاتهم التحت أرضية.

·                   معتقلي الغولاغ كانت مددهم معروفة لهذا هناك الكثيرون الذين نجوا من البرد القارس خرجوا بعد انقضاء مددهم ، بينما المعتقلين الأرتريين في السجون التحت أرضية ، فإن المعتقل بها يقضي مدد غير محددة و لم يسبق وأن سمعنا أن هناك معتقل أكمل فترة اعتقاله وتم الافراج عنه ، على الرغم من أن هناك معتقلين منذ مرحلة التحرير ومنذ فجر الاستقلال .

·       في الفترة التي أنشئت فيها معسكرات الغولاغ كانت هناك دولة بكل هياكلها التنظيمية لهذا كل الشخصيات والمؤسسات التي كانت تقوم بذلك محددة و معروفة أما في أرتريا لأنه لا توجد دولة لها هياكل ومؤسسات معروفة ولا شخصيات معروفة إلا ما عرف منها عن طريق التخمين.

     أمضيت ردحا من الزمان أكتب بعقلية الثأر والانتقام ، إلا أنني الآن لن أكتب بتلك العقلية ،  لكنني أيضا لا يمكن أن أقبل بأن تمر أي جريمة من دون عقاب ، وها أنا أدعو إلى معاقبة الجلادين الصغار قبل الكبار فالكبار بالإمكان حصرهم ومعرفتهم أما الصغار فمن الصعب حصرهم ومعرفتهم لأن ليس هناك هياكل وتراتبية وظيفيه من خلالها يمكن ضبطهم ، كما أنني هنا  لست بصدد إقامة محاكم وعقد محاكمات فتلك المهام هي من حق الشعب الارتري، إلا أنني ساعطي الحق لنفسي في توصيف من هو الجلاد والسجان في أرتريا باعتباري أحد أفراد الشعب الأرتري المتضررين من هؤلاء.

  محاولة وضع توصيف شامل لجلادي وسجاني ارتريا هي عملية صعبة للغاية وصعوبتها تكمن في أن ليس لأرتريا هياكل تنظيمية معروفة ولا تسلسلات هرمية تحدد من خلالها الأختصاصات و المسؤوليات ، فالمجموعة التي تدير الدولة أشبه في تكوينها بتكوين العصابات ، ففي العصابة يكون الظاهر هو زعيم العصابة وبعض الافراد الملتصقين به الذي تنحصر مهامهم في نقل تعليماته وآوامره وإسداء النصح والمشورة له ، أما بقية افراد العصابة هم من يقومون بالمهام الأصعب والاقذر وفي أغلب الأحيان لا يكونوا معروفين .

بناءً على ما تقدم يمكن توصيف الجلاد والسجان في أرتريا على النحو الآتي :

v  الصنف الأول: كل شخص اختار بكامل إرادته العمل مع الحكومة الأرترية أو حزب الجبهة الشعبية أو قام بدعمهما بإرادته ويمثل هذا الصنف الرئيس والوزراء ومديرو الإدارات وقادة المناطق العسكرية وكبار الضباط العسكريين وكبار موظفي الدولة والسفراء والقناصل وكبار موظفي السفارات وكذلك يجب إدراج ضمن هذ الصنف الذين هربوا من النظام و كانت لهم مشاركة فعلية في النظام قبل تخليهم عنه و يستثنى منهم من ندم وقدم خدمات جليلة للشعب الأرتري بكشف ما تقوم به عصابته السابقة وأمر هذه الفئة الأخيرة خاضع للمراجعة والتقييم على ضوء ما قدموه لاحقاً.

v  الصنف الثاني: كبار ملتزمي الجبهة الشعبية ومنهم القيادات الحزبية الفرعية و رؤساء وأعضاء الهيئات الإدارية للجاليات والشخصيات الاعتبارية العاملة معهم والبارزين من حملة العضوية العادية وكذلك مسببي الاضرار للمواطنين من حملة العضوية العادية بالجبهة الشعبية.

v  الصنف الثالث: كل شخص عمل أو دعم الحكومة الأرترية بغير إرادته وتسبب أثناء فترة عمله أو دعمه في أضرار للمواطنين أي كان نوعها ويشترط لإدانة هذا النوع الأخير إقامة الحجة عليه بتسببه في الاضرار للمواطنين .

وقبل أن أختم مقالي هذا بودي أن أقتبس مقطعين من مذكرات الأستاذ أمير بابكر حتى نعلم إلى أي مدى جلادينا وسجانينا هم عتاة ، الأول لأبين من خلاله تفاهة أسباب الاعتقال والثاني لأبين من خلاله حجم المأساة التي يعيشها المعتقلون ، يقول الأستاذ أمير عن اعتقال الراعي محمد الأمين المعتقل معه في سجن ادر سار التحت أرضي (( أخونا محمد الأمين راعي الغنم الأربعيني ، اعتقلته المخابرات في المنطقة التي يرعى فيها جوار قرية قلوج المفتوحة حدودياً على منطقة القرقف السودانية ، ليس من سبب لاعتقاله سوى أن أحد الذين اعتقلتهم المخابرات سابقاً دلهم تحت وطأة التعذيب على من أرشده على الطريق إلى القرقف. وعندما سألت محمد الأمين عن ذلك ذكر بأنه كان يرعى كالعادة في تلك المنطقة وكان لحظتها في مفترق طرق عندما قدم إليه شخص لا يعرفه وسأله عن أي الطريقين يوصله إلى القرقف السودانية ، فأشار إليه إلى الطريق الصحيح . )) أما في المقطع الثاني الذي يمثل قمة المأساة يقول ((إن وجود فتيات رهن الاعتقال في هذا الموقع من العالم، يعد شيئاً غريباً لا يبرره شيء سوى طريقة التفكير المشوهة التي تسيطر على الجبهة الشعبية في مختلف الأمور. وغرابة الوضع تأتي من خصوصية المرأة واحتياجاتها اليومية. فلا مكان مخصص للتبول، حيث تتبول في الخلاء وتحت فوهات البنادق المشرعة ، ولا أدري كيف يقضين حاجتهن في ظل هذا الوضع الذي نعاني منه نحن جنس الرجال)).

 

للتواصل aliafaa@yahoo.com