تعريض المعارضة

واستعراض التعارض

بقلم ود البلد

Wadalblad1@gmail.com

الحدث الذي تشهده المعارضة الآن في ساحة اديس ابابا يشكل بكل المقايس صورة جديده تستدعي القراءة والتأمل ، كما تستدعي من الجميع الأمانة والمصداقية في تعاطيهم مع قضية التغيير الديمقراطي التي ينشدها شعبنا للخلاص مما يعانيه ، لأنه وبغض النظر عما يأمله الكثير من السماعين للغو الحديث الذي يطرح من منافذ غير ظاهرة ، ويجر قياداتنا الى اتون من الخيالات والأوهام التي بثت لهم واسرت لهم بان الحوار الذي يدور الأن سيظهر فيه الجن المارد ( ربما امريكي او اسرائيلي ) ويخرج من قمقمه ليقول لهم : شبيك .. لبيك ، ماذا تريدون ؟! . ولا اقول ذلك هزلاً ولكن فعلاً بعض التنظيمات قيل لها ان هذا حوار خطير وهام ، وهناك مفاجآت و..و.. و.. ، وهذا ما ادى لسريان الخدر في عقول كثيرة حتى إنعدمت الرؤيا لما بين يديها ومرت عليها مواقف مخجلة سوف لن تمر بسهولة على ساحة العمل بعض انفضاض هذا الحوار ، لا بل انها ستنعكس حتماً في العلاقات الجديده بين التنظيمات وخاصة ( التحالف) والتي سادتها خلال المرحلة الماضية : الغفلة ، حسن النية ، المجاملة ، حتى وصلنا الى ما نحن عليه .

ومن الواضح ان هذا الحدث قد شهد متغيرات جديده في موقف اثيوبيا تجاه المعارضة ولا بد من قراءاته :

1. من خلال الحضور الذي علمنا عنه في القاعة ، فقد مثل حضور حزب الشعب عبر مسفن حقوص ومنقستاب اسمروم ،وهو حزب له رؤية وموقف واضح من التحالف والمجلس وكذلك من كثير مما يطرح من تنظيمات المعارضة العجيبة ؟ خطوة ومحاولة تعريض المعارضة ، ومن وجهة النظر المعروفة عن الحليف الوحيد ان حزب الشعب يمثل رقم مهم ، وتوجه مهم .. الخ وهو يختلف عن التنظيمات الأخرى التي تعبر عن كبسا او المحسوبة عليها ، وهو حزب رزين قياداته لها مواصفاتها وعلاقاتهم واسعة و..و . ولكن السؤال عماذا يعبر حضور الشعب او دعوته ، وإجلاسة وسط تنظيمات لا يتفق معها وله موقف منها ومن اطروحاتها . وكيف سيكون موقفه في تقييم المرحلة الماضية من دور المعارضة وهو بند اساسي من بنود الحوار ؟ وكذلك كيف ستكون رؤيته لمستقبل العمل في المرحلة القادمة وهو ايضاً بند في الحوار ؟ في كل ذلك لا اظن ان حزب الشعب سيكفر بمبادئه ومنطلقاته ولا كذلك التنظيمات ستؤمن بما ذهب اليه هذا الحزب خلال الفترة الماضية ، واذا كنا لا نريد حوار طرشان في كلا البندين ، فإن الظاهر أنهما ( البندين) محاولة تسكين الجلوس في القاعة ، وهناك امر آخر ؟؟؟

2. حضور حركة قرنليوس ، مفصول من التحالف ومجمد في المجلس وله رؤية ومواقف تعبر عن قرنليوس وحده ، وان شعبنا عبر الكثير مما طرح وعلم من المواقف والآراء الواسعة جداً ، لا يؤمن بقرنليوس ولا يتعاطى مع افكاره ولا مع حركته ، هذا فضلاً عن تاريخه المعروف في معارضة ثورة التحرير ووقوفه ضدها عسكرياً في مرحلة الدرق ، السؤال ماهي دلالة حضوره ، والاجابة الأكيده انه لم يتراجع عن مواقفه المخجلة والصغيرة ، وانه يريد ان يناقش ويقيم المعارضة ويدلوا برأيه في المستقبل ، فماذا نتوقع ان يقول ، وهل نقبل ما يقول ؟؟؟ وعلى ذلك فإن الحوار وفق النقطتين اعلاه سيكون إستعراضاً للتعارض والتدابر الذي درجت عليه المعارضة .

3. الموقف ذو المغزي ان الحليف قد دعا الى الحوار كل الأطراف صغيرها وكبيرها وبعدد محدد لا يزيد ؟ ولم تقدم دعوة للتحالف ، او يشعر مكتبه السياسي بأي صيغة من الصيغ ، ولم يطلب منه كجانب رسمي قائم في الساحة وله تنظيماته المعتبرة المشاركة ولو بروتكولياً بشخص واحد مثلاً ؟؟؟ ودعيت قيادة المكتب التنفيذي للمجلس الوطني لتحضر بخمسة اشخاص وعلى راسها السيد برهانو الذي رفع عنه قرار العزل قبل يوم من السمنار ؟؟؟ وبإضافة أعضاء تنفيذية المجلس الى اعضاء تنظيماتهم ، سيكون تمثيلهم بأربعة أو خمسة اعضاء ، اذن كسر العدد المحدد لهذا التنظيم ؟؟ والبقية ما عليهم سوا الصمت وعدم الإعتراض . وان هذا الموقف هو بداية الإقصاء الذي يمارسه الحليف شاء او لم يشأ ونعلم ان هناك تنظيمات بعينها للأسف تطرب لهذا الموقف لأن اقصاء التحالف يعني اقصاء قيادات وتنظيمات بعينها وهو موقف مخجل ممن يرضى بذلك ، وكذلك هو موقف مريض يستطيع شعبنا الذي خاض نضال الثلاثين عاما متنكباً بندقيته تصحيحه وتعديل الصورة الوطنية التاريخية الثابته لدور كل شريحه من مجتمعنا الإرتري .

والحاصل : هل من سبيل الى مناقشة ؟ هل من سبيل الى التساؤل ؟ واترك ذلك كله وتعال الى : ماهو برنامج هذا الحوار وهل هناك ضيف من الخارج هل هناك مشروع ... لا : عليكم ان تضعوا بنود وتناقشوها وتخرجوا بصيغة واحدة تتفقوا عليها جميعاً ونحن سندعمكم . إذن الحليف يريد ان يصنع تحالفات جديده واطار تفاهم سياسي جديد لا بد ان تدخل وتشارك فيه كل الجهات ، وربما هناك جهات ستظهر لاحقاً .

من هذه الأرضية جاء موقف جبهة التحرير الإرترية التي لم تسكت بل صدعت بالتساؤل : كيف نجلس مع قرنليوس المفصول من التحالف ونحن اعضاء فيه ، والمجمد في المجلس ونحن اعضاء فيه ، والمدان من شعبنا ونحن جزء منه ؟

والذي جرى ان هذا الموقف اعلمت به تنظيمات التحالف قبل ان يبدأ العمل وينطلق السمنار ، وعلمنا ان السيد ابوهمام رئيس المكتب السياسي جمع قيادات التحالف وطرح عليهم سؤال محدد : ماهو موقفكم من المشاركة مع قرنليوس في هذا الحوار وانتم فصلتموه من التحالف ؟ ثم كلف وفد لمحاورة الحليف في الأمر : وقال لهم حسبما علمنا : لقد كان الموقف من قرنليوس في التحالف او المجلس خطأ؟؟؟  وهو يمثل شعب الكوناما؟ ، والظاهر ان قيادات تنظيمات التحالف وهي نفس قيادات تنظيمات المجلس  اقتنعت بهذا وجلست في القاعة للتحاور مع قرنليوس وتشركه في مشروعها الجديد الذي سيدعمه مارد القمقم ؟ ، واعلن وفد الجبهة عبر كلمة مقتضبة اسباب موجبة وقانونية يحترم فيها قرارات مؤسسات المعارضة والشعب والجبهة وغادر القاعة ، وكذلك فعل الاستاذ ابو همام مسئول المكتب السياسي للتحالف الديمقراطي الإرتري إلتزاماً بقرار المؤتمر الثالث للتحالف في مارس الماضي . ومن المؤكد ان هناك تساؤلات ستطرح على هذه التنظيمات في موقفها الغريب من قرارها . والمؤكد : إما ان تقول ماذا اجبرها على ذلك وهي التي تصرخ  بمناسبة او دونها بالقانون والمؤسسات واحترام النظم واللوائح ولكن هذه المرة اصبح كرسي القاعة أهم اليها من مسئولياتها الاخلاقية تجاه ثوابت الشعب ومكانة القائد عواتي . ولابد لهذا الامر من مناقشة داخل التنظيمات التي جاءت عنها هذه القيادات ، لأنه ولا شك  سينعكس على العلاقات البينية للتنظيمات . 

وبالعودة الى ما اشرنا بخصوص المفاجأة في هذا الحوار والامر الخطير الذي سيحدث فيه ، وهناك ترويجات تبادلها البعض من ان امريكا هي التي تقف وراء هذا السمنار ، وقطر لها وفد موجود في اديس ، وان الحليف يتحرك معها في الخروج بمشروع معين .. الخ . وكل هذه الاشارات بنيت على زيارة السفير الأمريكي ياماماتوأ ذو الخبرة في الوضع الإرتري وكذلك المتعاطي مع الدور الإثيوبي تجاه معارضتنا ، والذي اشار قبل ايام الى ان علاقة امريكا لن تتم مع ارتريا طالما اسياس  مستمر في اداء دوره العدواني ، وطالب بضرورة ترسيخ الأمن والإستقرار في المنطقة , واجابه مسئول الخارجية الإثيوبية ان بلاده تلتزم باداء وتقديم كل ما يمكنها لإستتباب الأمن في المنطقة ، ثم تقفز مبعوثة مصر قبل ايام لتصرح ، لا يمكن ان يجرى اي مشروع استقرار في المنطقة بمعزل عن ارتريا . وأنا اضطر هنا لإختزال الإشارات الى هذا الموضوع دون التفصيل لأصل الى امر جوهري : حتى لو كان هذا السمنار يجري وفق هذه المعطيات وبناءاً عليها : فهل من المناسب أن يكون قربان يقدم على قاعته  هو التساهل في تاريخ الثورة . او تمرير ادانة التاريخ النضالي لشعبنا ، والموافقة ضمنياً على اعادة كتابة التاريخ الوطني وفق اهواء قرنليوس او برهاني هنجما حليف قرنليوس الذي لا يعترف لا بالتنظيمات القومية ولا الأسلامية ولا ... ويؤكد ليس هناك تاريخ مقدس ولا شخص مقدس .. الخ ؟ وماهو مصير وطبيعة ومستقبل مشروع يبنى على انقاض شرف الشعب الإرتري .

      من كل ما ورد يتضح ان تنظيماتنا ليست على وضع سوى في علاقاتها ولا في منطلقاتها وان هناك تهافت محموم تمارسه بعض القيادات للوصول الى الفراغ ؟ لأنها تريد ان تركب اي موجه شرط ان يكون وراءها كرسي سلطة . واعتقد ان هناك ممارسات واضحة نلمسها في مواقف كثيرة من هذه القيادات ستتسبب في احداث شرخ في البناء الوطني . واحسب ان ذلك ناجم اساساً من الخطأ الأول الذي مارسته هذه المعارضة التي تعج بكثير من المسميات التنظيمية وهي في الحقيقة ثلة افراد ليس وراءها من يحاسبها ولا من يسألها إلا العدد القليل من التنظيمات التي يثبت تاريخ نضالها انها مؤسسات حقيقية للجماهير وليست هياكل قيادات تتحرك بموجات الدفوعات الخارجية التي مكنتها من عقد مشاهد غريبة لما تسميه مؤتمرات ، وتنظيمات .